المسألة الرابعة إذا كان وقت الواجب فاضلا عنه، كصلاة الظهر مثلا، فمذهب أصحابنا وأكثر الفقهاء وجماعة من المعتزلة كالجبائي وابنه وغيرهما أنه واجب موسع، وأن جميع أجزاء ذلك الوقت وقت لأداء ذلك الواجب فيه فيما يرجع إلى سقوط الفرض به وحصول مصلحة الوجوب.
وهل للواجب في أول الوقت ووسطه بتقدير تأخير الواجب عنه إلى ما بعده بدل، اختلف هؤلاء فيه: فأثبته أصحابنا والجبائي وابنه، وهو العزم على الفعل.
وأنكره بعض المعتزلة، كأبي الحسين البصري وغيره.
وقال قوم: وقت الوجوب هو أول الوقت، وفعل الواجب بعد ذلك يكون قضاء.
وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: وقت الوجوب هو آخر الوقت، لكن اختلفوا في وقوع الفعل قبل ذلك:
فمنهم من قال: هو نفل يسقط به الفرض.
ومنهم من قال، كالكرخي: إن المكلف إذا بقي بنعت المكلفين إلى آخر الوقت، كان ما فعله واجبا، وإلا فنفل.
وحكي عنه أن الواجب يتعين بالفعل في أي وقت كان.
حجة القائلين بالوجوب الموسع أن الامر بصلاة الظهر، وهو قوله تعالى:
* (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) * (17) الاسراء: 78) عام لجميع أجزاء الوقت المذكور. وليس المراد به تطبيق أول فعل الصلاة على أول الوقت، وآخره على آخره، ولا إقامة الصلاة في كل وقت من أوقاته، حتى لا يخلو جزء منه عن صلاة، إذ هو خلاف الاجماع، ولا تعيين جزء منه لاختصاصه بوقوع الواجب فيه، إذ لا دلالة للفظ عليه.
فلم يبق إلا أنه أراد به أن كل جزء منه صالح لوقوع الواجب فيه. ويكون المكلف مخيرا في إيقاع الفعل في أي جزء شاء منه، ضرورة امتناع قسم آخر، وهو المطلوب.