وأما في اصطلاح الأصوليين، فاعلم أن الأسماء الحقيقية قد يطلقها الأصوليون على لغوية وشرعية. واللغوية: تنقسم إلى وضعية وعرفية. والكلام إنما هو في الحقيقة الوضعية، فلنعرفها، ثم نعود إلى باقي الأقسام. وقد ذكر فيها حدود واهية يستغنى عن تضييع الزمان بذكرها، والحق في ذلك أن يقال: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولا في اللغة، كالأسد المستعمل في الحيوان الشجاع العريض الأعالي، والانسان في الحيوان الناطق.
وأما الحقيقة العرفية اللغوية، فهي اللفظ المستعمل فيما وضع له بعرف الاستعمال اللغوي، وهي قسمان:
الأول: أن يكون الاسم قد وضع لمعنى عام، ثم يخصص بعرف استعمال أهل اللغة ببعض مسمياته، كاختصاص لفظ الدابة بذوات الأربع عرفا، وإن كان في أصل اللغة لكل ما دب. وذلك إما لسرعة دبيبه أو كثرة مشاهدته، أو كثرة استعماله، أو غير ذلك.
الثاني: أن يكون الاسم في أصل اللغة بمعنى، ثم يشتهر في عرف استعمالهم بالمجاز الخارج عن الموضوع اللغوي، بحيث إنه لا يفهم من اللفظ عند إطلاقه غيره، كاسم الغائط، فإنه، وإن كان في أصل اللغة للموضع المطمئن من الأرض، غير أنه قد اشتهر في عرفهم بالخارج المستقذر من الانسان، حتى إنه لا يفهم من ذلك اللفظ، عند إطلاقه غيره. ويمكن أن يكون شهرة استعمال لفظ الغائط من الخارج المستقذر من الانسان، لكثرة مباشرته وغلبة التخاطب به مع الاستنكاف من ذكر الاسم الخاص به، لنفرة الطباع عنه، فكنوا عنه بلازمه، أو لمعنى آخر.
وأما الحقيقة الشرعية، فهي استعمال الاسم الشرعي فيما كان موضوعا له أولا في الشرع. وسواء كان الاسم الشرعي ومسماه لا يعرفهما أهل اللغة، أو هما معروفان لهم. غير أنهم لم يضعوا ذلك الاسم لذلك المعنى، أو عرفوا المعنى، ولم يعرفوا الاسم ولم يعرفوا ذلك المعنى كاسم الصلاة،