القسم الثالث في المبادئ الفقهية والأحكام الشرعية اعلم أن الحكم الشرعي يستدعي حاكما، ومحكوما فيه، ومحكوما عليه فلنفرض في كل واحد أصلا، وهي أربعة أصول:
الأصل الأول في الحاكم اعلم أنه لا حاكم سوى الله تعالى، ولا حكم إلا ما حكم به. ويتفرع عليه أن العقل لا يحسن، ولا يقبح، ولا يوجب شكر المنعم، وأنه لا حكم قبل ورود الشرع. ولنرسم في كل واحد مسألة:
المسألة الأولى مذهب أصحابنا وأكثر العقلاء أن الافعال لا توصف بالحسن والقبح لذواتها، وأن العقل لا يحسن ولا يقبح، وإنما إطلاق اسم الحسن والقبح عندهم باعتبارات ثلاثة، إضافية غير حقيقية.
أولها: إطلاق اسم الحسن على ما وافق الغرض، والقبيح على ما خالفه.
وليس ذلك ذاتيا لاختلافه وتبدله بالنسبة إلى اختلاف الاغراض، بخلاف اتصاف المحل بالسواد والبياض.
وثانيها: إطلاق اسم الحسن على ما أمر الشارع بالثناء على فاعله، ويدخل فيه أفعال الله تعالى، والواجبات والمندوبات، دون المباحات. وإطلاق اسم القبيح على ما أمر الشارع بذم فاعله، ويدخل فيه الحرام، دون المكروه والمباح، وذلك أيضا مما يختلف باختلاف ورود أمر الشارع في الافعال.