المسألة الخامسة إذا تعارض فعل النبي وقوله، فإما أن يكون فعله لم يدل الدليل على تكرره في حقه، ولا على تأسي الأمة به فيه، أو دل. فإن كان الأول، فقوله إما أن يكون خاصا به، أو بنا، أو هو عام له ولنا.
فإن كان خاصا به، فإما أن يعلم تقدم أحدهما، أو يجهل التاريخ فإن علم تقدم أحدهما، وتأخر الآخر، فإما أن يكون المتقدم هو الفعل، أو القول.
فإن كان المتقدم هو الفعل مثل أن يفعل فعلا في وقت ويقول بعده، إما على الفور أو التراخي: لا يجوز لي مثل هذا الفعل في مثل هذا الوقت، فلا تعارض بينهما، لان القول لم يرفع حكم ما تقدم من الفعل في الماضي ولا في المستقبل. لان الفعل غير مقتض للتكرار على ما وقع به الغرض، وقد أمكن الجمع بين حكم القول والفعل، وأن كان المتقدم هو القول مثل أن يقول: الفعل الفلاني واجب علي في الوقت الفلاني، ثم يتلبس بضده في ذلك الوقت. فمن جوز نسخ الحكم قبل التمكن من الامتثال، قال: إن الفعل ناسخ لحكم القول. ومن لم يجوز ذلك، منع كون الفعل رافعا لحكم القول، وقال: لا يتصور وجود مثل ذلك الفعل مع العمد، إن لم نجوز على النبي، عليه السلام. وإلا فهو معصية.
وأما إن كان قوله خاصا بنا، فلا تعارض أيضا لعدم اجتماعهما في محل واحد من جهة واحدة.
وأما إن كان قوله عاما لنا وله، فإن كان الفعل متقدما، فلا معارضة أيضا بين قوله وفعله.
أما بالنسبة إليه، عليه السلام فلما تقدم فيما إذا كان قوله خاصا به، وأما إلينا فلان فعله غير متعلق بنا على ما وقع به الغرض. وإن كان القول هو المتقدم، فالحكم في التعارض بين قوله وفعله بالنسبة إليه، كما تقدم أيضا فيما إذا كان قوله خاصا به، ولا معارضة بالنسبة إلينا، لعدم توارد قوله وفعله علينا على ما وقع به الغرض.
هذا كله فيما إذا لم يدل الدليل على تكرر ذلك الفعل في حقه، ولا تأسي الأمة به.
وأما إن دل الدليل على تكرره في حقه، وعلى تأسي الأمة به، أو على تكرره في حقه، دون تأسي الأمة به أو على تأسي الأمة به، دون تكرره في حقه. فالحكم مختلف في هذه الصور.