الفصل الخامس في المباح وما يتعلق به من المسائل أما المباح، فهو في اللغة مشتق من الإباحة، وهي الاظهار والاعلان. ومنه يقال باح بسره، إذا أظهره.
وقد يرد أيضا بمعنى الاطلاق والاذن، ومنه يقال أبحته كذا، أي أطلقته فيه وأذنت له.
وأما في الشرع، فقد قال قوم هو ما خير المرء فيه بين فعله وتركه شرعا.
وهو منقوض بخصال الكفارة المخيرة. فإنه ما من خصلة منها إلا والمكفر مخير بين فعلها وتركها، وبتقدير فعلها لا تكون مباحة بل واجبة. وكذلك الصلاة في أول وقتها الموسع مخير بين فعلها وتركها مع العزم، وليست مباحة بل واجبة.
وقال قوم، هو ما استوى جانباه في عدم الثواب والعقاب، وهو منتقض بأفعال الله تعالى، فإنها كذلك، وليست متصفة بكونها مباحة.
ومنهم من قال هو ما أعلم فاعله أو دل أنه لا ضرر عليه في فعله ولا تركه، ولا نفع له في الآخرة، وهو غير جامع، لأنه يخرج منه الفعل الذي خير الشارع فيه بين الفعل والترك مع إعلام فاعله، أو دلالة الدليل السمعي، على استواء فعله في المصلحة والمفسدة دنيا وأخرى، فإنه مباح، وإن اشتمل فعله وتركه على الضرر.
والأقرب في ذلك أن يقال: هو ما دل الدليل السمعي على خطاب الشارع بالتخيير فيه بين الفعل والترك من غير بدل. فالقيد الأول فاصل له عن فعل الله تعالى:
والثاني عن الواجب الموسع في أول الوقت والواجب المخير.
وإذا عرف معنى المباح ففيه خمس مسائل: