المسألة الخامسة والعشرون اختلف العلماء في دية اليهودي: فمنهم من قال إنها مثل دية المسلم، ومنهم من قال إنها على النصف منها، ومنهم من قال إنها على الثلث.
فمن حصرها في الثلث كالشافعي رحمة الله عليه اختلفوا فيه، فظن بعض الفقهاء أنه متمسك في ذلك بالاجماع، وليس كذلك، بل الحصر في الثلث، مشتمل على وجوب الثلث ونفي الزيادة، فوجوب الثلث مجمع عليه، ولا خلاف فيه. وأما نفي الزيادة فغير مجمع عليه، لوقوع الخلاف فيه بل نفيه عند من نفى إنما هو مستند إما إلى ظهور دليل في نظره بنفيه، من وجود مانع، أو فوات شرط، أو عدم المدارك، والاعتماد على استصحاب النفي الأصلي. وليس ذلك من الاجماع في شئ.
المسألة السادسة والعشرون اختلفوا في ثبوت الاجماع بخبر الواحد، فأجازه جماعة من أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة رحمه الله والحنابلة، وأنكره جماعة من أصحاب أبي حنيفة وبعض أصحابنا كالغزالي، مع اتفاق الكل، على أن ما ثبت بخبر الواحد لا يكون إلا ظنيا في سنده، وإن كان قطعيا في متنه.
وحجة من قال بجوازه، النص والقياس:
أما النص، فقوله عليه السلام: نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر ذكر (الظاهر) بالألف واللام المستغرقة، فدخل فيه الاجماع الثابت بخبر الواحد، لكونه ظاهرا ظنيا.
وأما القياس، فهو أن خبر الواحد عن الاجماع مفيد للظن، فكان حجة كخبره عن نص الرسول.
وحجة المانعين من ذلك أن كون الاجماع المنقول على لسان الآحاد أصل من أصول الفقه، كالقياس، وخبر الواحد عن الرسول، وذلك مما لم يرد من الأمة