وعلى هذا، فقد بطل أن يكون قول الواحد منهم أيضا حجة.
ويؤيد ذلك أن عليا، عليه السلام، لم ينكر على أحد ممن خالفه فيما ذهب إليه من الاحكام، ولم يقل له إن الحجة فيما أقول، مع كثرة مخالفيه. ولو كان ذلك منكرا، فقد كان متمكنا من الانكار فيما خولف فيه في زمن ولايته وظهور شوكته، فتركه لذلك يكون خطأ منه، ويخرج بذلك عن العصمة وعن وجوب اتباعه فيما ذهب إليه.
المسألة الثانية عشرة لا ينعقد إجماع الأئمة الأربعة مع وجود المخالف لهم من الصحابة عند الأكثرين، خلافا لأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وللقاضي أبي حازم من أصحاب أبي حنيفة. وكذلك لا ينعقد إجماع الشيخين أبي بكر وعمر مع مخالفة غيرهما لهما، خلافا لبعض الناس. ودليل ذلك ما سبق في المسائل المتقدمة.
حجة من قال بانعقاد إجماع الأئمة الأربعة قوله عليه السلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ أوجب اتباع سنتهم كما أوجب اتباع سنته. والمخالف لسنته لا يعتد بقوله، فكذلك المخالف لسنتهم.
وحجة من قال بانعقاد إجماع الشيخين قوله عليه السلام: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
والجواب عن الخبر الأول أنه عام في كل الخلفاء الراشدين ولا دلالة فيه على الحصر في الأئمة الأربعة، وإن دل على الحصر فهو معارض بقوله عليه السلام:
أصحابي كالنجوم الحديث. وليس العمل بأحد الخبرين أولى من الآخر. وإذا تعارض الخبران سلم لنا ما ذكرناه، وبهذا يبطل الاستدلال بالخبر الآخر أيضا.