المسألة الثانية اختلفوا في الأسماء اللغوية: هل ثبتت قياسا أم لا. فأثبته القاضي أبو بكر، وابن سريج من أصحابنا، وكثير من الفقهاء وأهل العربية. وأنكره معظم أصحابنا، والحنفية، وجماعة من أهل الأدب مع اتفاقهم على امتناع جريان القياس في أسماء الاعلام وأسماء الصفات.
أما أسماء الاعلام: فلكونها غير موضوعة لمعان موجبة لها، والقياس لا بد فيه من معنى جامع، إما معرف وإما داع. وإذا قيل في حق الأشخاص في زماننا: هذا سيبويه، وهذا جالينوس. فليس بطريق القياس في التسمية، بل معناه: هذا حافظ كتاب سيبويه وعلم جالينوس بطريق التجوز، كما يقال:
قرأت سيبويه، والمراد به كتابه.
وأما أسماء الصفات: الموضوعة للفرق بين الصفات، كالعالم والقادر، فلأنها واجبة الاطراد، نظرا إلى تحقق معنى الاسم، فإن مسمى العالم من قام به العلم، وهو متحقق في حق كل من قام به العلم، فكان إطلاق اسم العالم عليه ثابتا بالوضع لا بالقياس، إذ ليس قياس أحد المسميين المتماثلين في المسمى على الآخر أولى من العكس، وإنما الخلاف في الأسماء الموضوعة على مسمياتها مستلزمة لمعان في محالها وجودا وعدما، وذلك كإطلاق اسم الخمر على النبيذ بواسطة مشاركته للمعتصر من العنب في الشدة المطربة المخمرة على العقل، وكإطلاق اسم السارق على النباش، بواسطة مشاركته للسارقين من الاحياء في أخذ المال على سبيل الخفية، وكإطلاق اسم الزاني على اللائط بواسطة مشاركته للزاني في إيلاج الفرج المحرم، والمختار أنه لا قياس، وذلك لأنه إما أن ينقل عن العرب أنهم وضعوا اسم الخمر لكل مسكر، أو للمعتصر من العنب خاصة، أو لم ينقل شئ من ذلك فإن كان الأول، فاسم الخمر ثابت للنبيذ بالتوقيف لا بالقياس. وإن كان الثاني، فالتعدية تكون على خلاف المنقول عنهم، ولا يكون ذلك من لغتهم.