فإن قيل: العادة مطردة بإطلاق الجائز على الصلاة الواجبة والصوم الواجب في قولهم صلاة جائزة، وصوم جائز، ولو لم يكن مفهوم الجائز متحققا في الواجب، لزم منه إما الاشتراك وإما التجوز، هو خلاف الأصل.
قلنا: ولو كان إطلاقه عليه حقيقة، فلا مشترك بينهما سوى نفي الحرج عن الفعل بدليل البحث والسير. فلو كان ذلك هو المسمى حقيقة، فالعادة أيضا مطردة بإطلاق الجائز على ما انتفى الحرج عن تركه، ولهذا يقال: المحرم جائز الترك. وما هو مسمى الجائز أولا غير متحقق هاهنا. ويلزم من ذلك أن يكون إطلاق اسم الجائز على ترك المحرم مجازا أو مشتركا، وهو خلاف الأصل. وليس أحد الامرين أولى من الآخر، بل احتمال التجوز فيما ذكرناه أولى، لما فيه من موافقة الاطلاق في قولهم: هذا واجب وليس بجائز. وعلى كل تقدير فالمسألة لفظية، وهي في محل الاجتهاد.
المسألة الرابعة اختلفوا في المباح هل هو داخل تحت التكليف. واتفاق جمهور من العلماء على النفي خلافا للأستاذ أبي إسحاق الأسفرايني.
والحق أن الخلاف في هذه المسألة لفظي. فإن النافي يقول إن التكليف إنما يكون بطلب ما فيه كلفة ومشقه. ومنه قولهم: كلفتك عظيما، أي حملتك ما فيه كلفة ومشقة. ولا طلب في المباح ولا كلفة، لكونه مخيرا بين الفعل والترك.
ومن أثبت ذلك لم يثبته بالنسبة إلى أصل الفعل، بل بالنسبة إلى وجوب اعتقاد كونه مباحا. والوجوب من خطاب التكليف فما التقيا على محز واحد.
المسألة الخامسة اختلفوا في المباح هل هو حسن أم لا؟
والحق امتناع النفي والاثبات في ذلك مطلقا، بل الواجب أن يقال إنه حسن باعتبار أن لفاعله أن يفعله شرعا أو باعتبار موافقته للغرض. وليس حسنا باعتبار أنه مأمور بالثناء على فاعله على ما تقرر في مسألة التحسين والتقبيح