الفصل الرابع في المكروه المكروه في اللغة مأخوذ من الكريهة، وهي الشدة في الحرب، ومنه قولهم جمل كره، أي شديد الرأس، وفي معنى ذلك الكراهة والكراهية.
وأما في الشرع، فقد يطلق ويراد به الحرام، وقد يراد به ترك ما مصلحته راجحة، وإن لم يكن منهيا عنه، كترك المندوبات.
وقد يراد به ما نهي عنه نهي تنزيه لا تحريم، كالصلاة في الأوقات والأماكن المخصوصة.
وقد يراد به ما في القلب منه حزازة. وإن كان غالب الظن حله، كأكل لحم الضبع.
وعلى هذا فمن نظر إلى الاعتبار الأول حده بحد الحرام، كما سبق.
ومن نظر إلى الاعتبار الثاني، حده بترك الأولى.
ومن نظر إلى الاعتبار الثالث، جده بالمنهي الذي لا ذم على فعله.
ومن نظر إلى الاعتبار الرابع، حده بأنه الذي فيه شبهة وتردد.
وإذا عرف معنى المكروه، فالخلاف في كونه منهيا عنه، وفي كونه من أحكام التكاليف، فعلى نحو ما سبق في المندوب، ولا يخفى وجه الكلام في الطرفين تزييفا واختيارا.