والجواب: عن الالزام الأول: أن مفهوم الحسن والقبح بمعنى موافقة الغرض ومخالفته، وبمعنى ما للفاعل أن يفعله، وأن لا يفعله متحقق قبل ورود الشرع، لا بالمعنى الذاتي.
وعن الثاني: أن فعل الله قبل ورود الشرع حسن، بمعنى أن له فعله.
وعن الثالث: أنه لا معنى للطاعة عندنا إلا ما ورد الامر به، ولا معنى للمعصية إلا ما ورد النهي عنه. وعلى هذا، فلا يمتنع ورود الامر بما كان منهيا، والنهي بما كان مأمورا.
وعن الرابع: أنه إنما يلزم أن لو لم يكن لامتناع إظهار المعجزة على يد الكاذب مدرك سوى القبح الذاتي، وليس كذلك، وبه اندفاع الالزام الخامس أيضا.
وعن السادس: ما سيأتي في المسألة بعدها، وإذا بطل معنى الحسن والقبح الذاتي لزم منه امتناع وجوب شكر المنعم عقلا، وامتناع حكم عقلي قبل ورود الشرع، إذ هما مبنيان على ذلك. غير أن عادة الأصوليين جارية لفرض الكلام في هاتين المسألتين إظهارا لما يختص بكل واحد من الاشكالات والمناقضات.
المسألة الثانية مذهب أصحابنا وأهل السنة أن شكر المنعم واجب سمعا، لا عقلا، خلافا للمعتزلة في الوجوب العقلي. احتج أصحابنا على امتناع إيجاب العقل لذلك، بأن قالوا: لو كان العقل موجبا، فلا بد وأن يوجب لفائدة، وإلا كان إيجابه عبثا، وهو قبيح. ويمتنع عود الفائدة إلى الله تعالى لتعاليه عنها، وإن عادت إلى العبد.
فإما أن تعود إليه في الدنيا، أو في الأخرى.
الأول: محال، فإن شكر الله تعالى عند الخصوم ليس هو معرفة الله تعالى، لان الشكر فرع المعرفة، وإنما هو عبارة عن إتعاب النفس وإلزام المشقة لها