انتصبت لمعاداتي تحصيلا للثواب على ذلك. وذلك مما لا مدخل للنيابة فيه كما لا مدخل لها في باقي الصفات من الآلام واللذات ونحوها.
قلنا: أما الابتلاء والامتحان بالتكليف لما ذكروه، وإن كان مع تعيين المكلف لأداء ما كلف به أشق مما كلف به مع تسويغ النيابة فيه، فليس في ذلك مما يرفع أصل الكلفة والامتحان فيما سوغ له فيه الاستنابة. فإن المشقة لازمة له بتقدير الاتيان به بنفسه، وهو الغالب، وبما يبذله من العوض للنائب بتقدير النيابة، ويلتزمه من المنة بتقدير عدم العوض وليس المراعى في باب التكاليف أشقها وأعلاها رتبة، ولذلك كانت متفاوتة. وأما الثواب والعقاب فليس مما يجب على الله تعالى في مقابلة الفعل، بل إن أثاب فبفضله، وإن عاقب فبعدله، كما عرف من أصلنا، بل له أن يثيب العاصي ويعاقب الطائع.
الأصل الرابع في المحكوم عليه وهو المكلف وفيه خمس مسائل المسألة الأولى اتفق العقلاء على أن شرط المكلف أن يكون عاقلا فاهما للتكليف، لان التكليف خطاب، وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال، كالجماد والبهيمة. ومن وجد له أصل الفهم لأصل الخطاب. دون تفاصيله من كونه أمرا ونهيا، ومقتضيا للثواب والعقاب، ومن كون الآمر به هو الله تعالى، وأنه واجب الطاعة، وكون المأمور به على صفة كذا وكذا، كالمجنون، والصبي الذي لا يميز، فهو بالنظر إلى فهم التفاصيل، كالجماد والبهيمة بالنظر إلى فهم أصل الخطاب، ويتعذر تكليفه أيضا،