المسألة الثالثة اختلفوا في دخول الأسماء المجازية في كلام الله تعالى:
فنفاه أهل الظاهر، والرافضة. وأثبته الباقون.
احتج المثبتون بقوله تعالى: * (ليس كمثله شئ) * (42) الشورى: 11) وبقوله تعالى: * (واسأل القرية التي كنا فيها، والعير التي أقبلنا فيها) * (12) يوسف: 82) وبقوله تعالى: * (جدارا يريد أن ينقض) * (18) الكهف: 77).
والأول: من باب التجوز بالزيادة. ولهذا لو حذفت الكاف بقي الكلام مستقلا.
والثاني: من باب النقصان، فإن المراد به أهل القرية، لاستحالة سؤال القرية، والعير وهي البهائم.
والثالث: من باب الاستعارة، لتعذر الإرادة من الجدار وإذا امتنع حمل هذه الألفاظ على ظواهرها في اللغة، فما تكون محمولة عليه هو المجاز.
فإن قيل: لا نسلم التجوز فيما ذكرتموه من الألفاظ، أما قوله تعالى: * (ليس كمثله شئ) * (42) الشورى: 11) فهو حقيقة في نفي التشبيه، إذ الكاف للتشبيه.
وأما قوله تعالى: * (واسأل القرية) * (12) يوسف: 82) فالمراد به مجتمع الناس، فإن القرية مأخوذة من الجمع، ومنه يقال: قرأت الماء في الحوض، أي جمعته.
وقرأت الناقة لبنها في ضرعها، أي جمعته. ويقال لمن صار معروفا بالضيافة، مقري ويقري، لاجتماع الأضياف عنده. وسمي القرآن قرآنا لذلك أيضا، لاشتماله على مجموع السور والآيات. وأما العير فهي القافلة ومن فيها من الناس. ثم وإن كان اسم القرية للجدران، والعير للبهائم، غير أن الله تعالى قادر على إنطاقها، وزمن النبوة زمن خرق العوائد، فلا يمتنع نطقها بسؤال النبي لها.