المسألة الأولى اختلف الناس في اللفظ المشترك، هل له وجود في اللغة. فأثبته قوم، ونفاه آخرون. والمختار جوازه ووقوعه.
أما الجواز العقلي فهو أنه لا يمتنع عقلا أن يضع واحد من أهل اللغة لفظا واحدا على معنيين مختلفين بالوضع الأول على طريق البدل، ويوافقه عليه الباقون، أو أن يتفق وضع إحدى القبيلتين للاسم على معنى حقيقة، ووضع الأخرى له بإزاء معنى آخر، من غير شعور لكل واحدة بما وضعته الأخرى. ثم يشتهر الوضعان، ويخفى سببه وهو الأشبه. ولو قدر ذلك لما لزم من فرض وقوعه محال عقلا. كيف وأن وضع اللفظ تابع لغرض الواضع والواضع كما أنه قد يقصد تعريف الشئ لغيره مفصلا، فقد يقصد تعريفه مجملا غير مفصل، إما لأنه علمه كذلك ولم يعلمه مفصلا، أو لمحذور يتعلق بالتفصيل دون الاجمال، فلا يبعد لهذه الفائدة منهم وضع لفظ يدل عليه من غير تفصيل.
وأما بيان الوقوع، فقد قال قوم إنه لو لم تكن الألفاظ المشتركة واقعة في اللغة مع أن المسميات غير متناهية والأسماء متناهية ضرورة تركبها من الحروف المتناهية، خلت أكثر المسميات عن الألفاظ الدالة عليها مع دعو الحاجة إليها، وهو ممتنع وغير سديد من حيث إن الأسماء، وإن كانت مركبة من الحروف المتناهية، فلا يلزم أن تكون متناهية، إلا أن يكون ما يحصل من تضاعيف التركيبات متناهية، وهو غير مسلم.
وإن كانت الأسماء متناهية، فلا نسلم أن المسميات المتضادة، والمختلفة - وهي التي يكون اللفظ مشتركا بالنسبة إليها - غير متناهية.