المسألة الثالثة اتفق أكثر المسلمين على أن الاجماع حجة شرعية يجب العمل به على كل مسلم، خلافا للشيعة والخوارج والنظام من المعتزلة.
وقد احتج أهل الحق في ذلك بالكتاب والسنة والمعقول أما الكتاب فخمس آيات: الآية الأولى، وهي أقواها، وبها تمسك الشافعي، رضي الله عنه، وهي قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى، ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) * (4) النساء: 115) ووجه الاحتجاج بالآية أنه تعالى توعد على متابعة غير سبيل المؤمنين، ولو لم يكن ذلك محرما، لما توعد عليه، ولما حسن الجمع بينه، وبين المحرم من مشاقة الرسول، عليه السلام، في التوعد، كما لا يحسن التوعد على الجمع بين الكفر واكل الخبز المباح.
فإن قيل لا نسلم أن من للعموم، على ما سيأتي في مسائل العموم، حتى يتناول كل من اتبع غير سبيل المؤمنين.
سلمنا أنها للعموم، غير أن التوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين إنما وقع مشروطا بمشاقة الرسول، والمشروط على العدم عند عدم الشرط سلمنا لحوق الذم باتباع غير سبيل المؤمنين على انفراده، لكنه متردد بين أن يراد به عدم متابعة سبيل المؤمنين، وتكون (غير) بمعنى إلا، وبين أن يراد به متابعة سبيل غير المؤمنين، وتكون (غير) هنها صفة لسبيل غير المؤمنين. وليس أحد الامرين أولى من الآخر، وبتقدير أن تكون (غير) صفة لسبيل غير المؤمنين، فسبيل غير المؤمنين هو الكفر.
ونحن نسلم أن من شاقق الرسول وكفر، فإنه يكون متوعدا بالعقاب، وذلك لا يدل على وجوب اتباع سبيل المؤمنين.
سلمنا أن سبيل غير المؤمنين ليس هو الكفر، ولكن ذلك لا يدل على التوعد على عدم اتباع سبيل المؤمنين، بل غاية ما يلزم من تخصيص اتباع سبيل غير المؤمنين بالتوعد عدم التوعد على اتباع سبيل المؤمنين بمفهومه. ولا نسلم أن