قلنا: نحن لم نوجب بيان كل ما ليس من القرآن أنه ليس من القرآن، بل إنما أوجبنا بيان ما يسبق إلى الافهام أنه من القرآن، بتقدير أن لا يكون منه، كما في التسمية. ولا يخفى أنه منحصر، بل هو أقل من بيان ما هو من القرآن.
وعلى هذا، فلا يلزم من وضع كون التسمية آية مع أول كل سورة بالاجتهاد والظن. وقد ثبت كونها آية من القرآن في سورة النمل قطعا أن يقال مثله في ثبوت قراءة ابن مسعود في التتابع، مع أنها لم يثبت كونها من القرآن قطعا ولا ظنا.
المسألة الثالثة القرآن مشتمل على آيات محكمة ومتشابهة على ما قال تعالى: * (منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات) * (3) آل عمران: 7) أما المحكم فأصح ما قيل فيه قولان:
الأول أن المحكم ما ظهر معناه، وانكشف كشفا يزيل الاشكال، ويرفع الاحتمال، وهو موجود في كلام الله تعالى.
والمتشابه المقابل له ما تعارض فيه الاحتمال، إما بجهة التساوي، كالألفاظ المجملة، كما في قوله تعالى: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * (2) البقرة: 228) لاحتماله زمن الحيض، والطهر على السوية. وقوله تعالى: * (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) * (2) البقرة: 237) لتردده بين الزوج والولي. وقوله: * (أو لامستم النساء) * (2) النساء: 43) لتردده بين اللمس باليد والوطئ، أو لا على جهة التساوي كالأسماء المجازية، وما ظاهره موهم للتشبيه، وهو مفتقر