وأما مسألة أمهات الأولاد، وإن كان خلاف الصحابة قد استقر واستمر إلى انقراض عصرهم، فلا نسلم إجماع التابعين قاطبة على امتناع بيعهن فإن مذهب علي في جواز بيعهن لم يزل، بل جميع الشيعة وكل من هو من أهل الحول والعقد على مذهبه قائل به، وإلى الآن، وهو مذهب الشافعي في أحد قوليه.
المسألة الثانية والعشرون إذا اختلف الصحابة أو أهل أي عصر كان في المسألة على قولين، فهل يجوز اتفاقهم بعد استقرار خلافهم على أحد القولين، والمنع من جواز المصير إلى القول الآخر.
اختلفوا فيه: فمن اعتبر انقراض العصر في الاجماع، قطع بجوازه، ومن لم يعتبر انقراض العصر اختلفوا:
فمنهم من جوزه بشرط أن يكون مستند اتفاقهم على الخلاف القياس والاجتهاد لا دليلا قاطعا، ومنهم من منع ذلك مطلقا، ولم يجوز انعقاد إجماعهم على أحد أقوالهم، وهو المختار.
وذلك لأنا بينا أن اتفاق الأمة على الحكم ولو في لحظة واحدة، كان ذلك مستند إلى دليل ظني أو قطعي أنه يكون حجة قاطعة مانعة من مخالفته.
وقد بينا في المسألة المتقدمة أن الأمة إذا استقر خلافهم في المسألة على قولين، فهو إجماع منهم على تجويز الاخذ بكل واحد من القولين. فلو تصور إجماعهم على أحد القولين بعد ذلك، لزم منه المحال الذي بيناه في تقرير المسألة التي قبلها.
وكل ما ورد في المسألة المتقدمة من الاعتراض والانفصال فهو بعينه متوجه هاهنا فعليك باعتباره ونقله إلى هاهنا.
غير أن هذه المسألة تختص بسؤال آخر، وهو أن يقال: إذا اتفق جميع الصحابة، أو أهل أي عصر كان، على حكم، وخالفهم واحد منهم، فإنه لا يمتنع أن يظهر لذلك الواحد ما ظهر لباقي الأمة، ومع ظهور ذلك له إن منعناه من المصير إلى