فإن قبل: القول بجواز تعلق التكليف به في أول زمان حدوثه يلزم منه الامر بإيجاد الموجود، وهو محال.
قلنا: يلزم منه الامر بإيجاد ما كان موجودا، أو بما لم يكن موجودا.
الأول: ممنوع. والثاني، فدعوى إحالته نفس محل النزاع، ثم يلزمهم من ذلك أن لا يكون الفعل في أول زمان حدوثه أثرا للقدرة القديمة، ولا للحادثة على اختلاف المذهبين، ولا موجدة له لما فيه من إيجاد الموجود، وهو محال. فما هو جوابهم في إيجاد القدرة له فهو جوابنا في تعلق الامر به.
المسألة الخامسة اختلف أصحابنا والمعتزلة في جواز دخول النيابة فيما كلف به من الافعال البدنية:
فأثبته أصحابنا ونفاه المعتزلة.
حجة أصحابنا على ذلك أنه لو قال القائل لغيره: أوجبت عليك خياطة هذا الثوب، فإن خطته أو استنبت في خياطته أثبتك، وإن تركت الامرين عاقبتك كان معقولا غير مردود. وما كان كذلك فوروده من الشارع لا يكون ممتنعا.
ويدل على وقوعه ما روي عن النبي عليه السلام، أنه رأى شخصا يحرم بالحج عن شبرمة، فقال له النبي عليه السلام: أحججت عن نفسك - فقال: لا - فقال له: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. وهو صريح فيما نحن فيه.
فإن قيل: وجوب العبادات البدنية إنما كان ابتلاء وامتحانا من الله تعالى للعبد فإنه مطلوب للشارع، لما فيه من كسر النفس الامارة بالسوء، وقهرها، لكونها عدوة لله تعالى، على ما قال: عليه السلام، حكاية عن ربه: عاد نفسك، فإنها