الأصل الثاني في حقيقة الحكم الشرعي وأقسامه، وما يتعلق به من المسائل ويشتمل على مقدمة وستة فصول:
أما المقدمة: ففي بيان حقيقة الحكم الشرعي وأقسامه، أما حقيقته، فقد قال بعض الأصوليين: إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين.
وقيل إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد، وهما فاسدان، لان قوله تعالى: * (والله خلقكم وما تعملون) * (37) الصافات: 96) وقوله تعالى: * (خالق كل شئ) * (6) الانعام: 102) خطاب من الشارع، وله تعلق بأفعال المكلفين والعباد، وليس حكما شرعيا بالاتفاق.
وقال آخرون: إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير. وهو غير جامع: فإن العلم بكون أنواع الأدلة حججا، وكذلك الحكم بالملك والعصمة ونحوه أحكام شرعية، وليست على ما قيل.
والواجب أن نعرف معنى الخطاب أولا ضرورة توقف معرفة الحكم الشرعي عليه فنقول:
قد قيل فيه: هو الكلام الذي يفهم المستمع منه شيئا وهو غير مانع، فإنه يدخل فيه الكلام الذي لم يقصد التكلم به إفهام المستمع، فإنه على ما ذكر من الحد، وليس خطابا.
والحق إنه: اللفظ المتواضع عليه المقصود به إفهام من هو متهيئ لفهمه.
(فاللفظ) احتراز عما وقعت المواضعة عليه من الحركات والإشارات المفهمة.
و (المتواضع عليه) احتراز عن الألفاظ المهملة.
و (المقصود بها الافهام) احتراز عما ورد على الحد الأول.