المسألة التاسعة عشرة إذا اختلف أهل العصر في مسألة على قولين، هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث؟
اختلفوا فيه: فذهب الجمهور إلى المنع من ذلك، خلافا لبعض الشيعة وبعض الحنفية وبعض أهل الظاهر، وذلك كما لو قال بعض أهل العصر إن الجارية الثيب إذا وطئها المشتري، ثم وجد بها عيبا، يمنع الرد، وقال بعضهم بالرد مع العقر، فالقول بالرد مجانا قول ثالث.
وكذلك لو قال بعضهم: الجد يرث جميع المال مع الأخ، وقال بعضهم بالمقاسمة، فالقول بأنه لا يرث شيئا قول ثالث.
وكذلك إذا قال بعضهم: النية معتبرة في جميع الطهارات، وقال البعض النية معتبرة في البعض دون البعض، فالقول بأنها لا تعتبر في شئ من الطهارات قول ثالث.
وفي معنى هذا ما لو قال بعضهم: بجواز فسخ النكاح بالعيوب الخمسة، وقال البعض لا يجوز الفسخ بشئ منها، فالقول بالفسخ بالبعض دون البعض قول ثالث.
وكذلك إذا قال بعضهم في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين، للام ثلث الأصل في المسألتين، وقال بعضهم لها ثلث ما يبقى بعد نصيب الزوج والزوجة، فالقول بأن لها ثلث الأصل في إحدى المسألتين وثلث ما يبقى في المسألة الأخرى قول ثالث.
احتج الغزالي على امتناع القول الثالث بأنه لو جاز القول الثالث فإما أن لا يكون له دليل أو له دليل.
فإن كان الأول، فالقول به ممتنع، وإن كان الثاني، يلزم منه نسبته الخطأ إلى الأمة بنسبتهم إلى تضييعه والغفلة عنه، وهو محال وهو ضعيف. فإنه إنما يلزم