المسألة الخامسة اختلفوا في إطلاق الاسم على مسماه المجازي: هل يفتقر في كل صورة إلى كونه منقولا عن العرب، أو يكفي فيه ظهور العلاقة المعتبرة في التجوز، كما عرفناه أولا، فمنهم من شرط في ذلك النقل مع العلاقة. ومنهم من اكتفى بالعلاقة لا غير.
احتج الشارطون للنقل بأنه لو اكتفى بالعلاقة لجاز تسمية غير الانسان نخلة، لمشابهته لها في الطول، كما جاز في الانسان، ولجاز تسمية الصيد شبكة، والثمرة شجرة، وظل الحائط حائطا، والابن أبا، تعبيرا عن هذه الأشياء بأسماء أسبابها لما بينها وبين أسبابها من الملازمة في الغالب. وهي من الجهات المصححة للتجوز.
وليس كذلك. فدل على أنه لا بد من نقل الاستعمال ولقائل أن يقول: ما المانع أن يكون تحقق العلاقة بين محل الحقيقة ومحل التجوز كافيا في جواز إطلاق الاسم على جهة المجاز، وحيث وجدت العلاقة المجوزة للاطلاق في بعض الصور، وامتنع الاطلاق، فإنما كان لوجود المنع من قبل أهل اللغة، لا للتوقف على نقل استعمالهم للاسم فيها على الخصوص.
فإن قيل: لو لم يكن نقل استعمال أهل اللغة معتبرا في محل التجوز، فتسميته باسم الحقيقة، إما بالقياس عليه: أو أنه مخترع للواضع المتأخر، الأول ممتنع لما يأتي، والثاني، فلا يكون من لغة العرب.