وإذا أتينا على تعريف حقيقة الكتاب، فلا بد من النظر فيما يختص به من المسائل، وهي خمس مسائل:
المسألة الأولى اتفقوا على أن ما نقل إلينا من القرآن نقلا متواترا، وعلمنا أنه من القرآن أنه حجة، واختلفوا فيما نقل إلينا منه آحادا، كمصحف ابن مسعود وغيره، أنه هل يكون حجة، أم لا؟
فنفاه الشافعي، وأثبته أبو حنيفة، وبنى عليه وجوب التتابع في صوم اليمين بما نقله ابن مسعود في مصحفه من قوله: فصيام ثلاثة أيام متتابعات.
والمختار إنما هو مذهب الشافعي. وحجته أن النبي عليه السلام كان مكلفا بإلقاء ما أنزل عليه من القرآن على طائفة تقوم الحجة القاطعة بقولهم، ومن تقوم الحجة القاطعة بقولهم لا يتصور عليهم التوافق على عدم نقل ما سمعوه منه.
فالراوي له إذا كان واحدا، إن ذكره على أنه قرآن فهو خطأ، وإن لم يذكره على أنه قرآن، فقد تردد بين أن يكون خبرا عن النبي عليه السلام، وبين أن يكون ذلك مذهبا له، فلا يكون حجة. وهذا بخلاف خبر الواحد عن النبي عليه السلام، وعلى هذا منع من وجوب التتابع في صوم اليمين على أحد قوليه.
فإن قيل: قولكم إن النبي عليه السلام كان يجب عليه إلقاء القرآن إلى عدد تقوم الحجة القاطعة بقولهم، لا نسلم ذلك، وكيف يمكن دعواه مع أن حفاظ القرآن في زمانه، عليه السلام، لم يبلغوا عدد التواتر لقلتهم، وإن جمعه إنما كان