المسألة الرابعة عشرة اختلفوا فيما إذا ذهب واحد من أهل الحل والعقد إلى حكم وعرف به أهل عصره. ولم ينكر عليه منكر: هل يكون ذلك إجماعا؟
فذهب أحمد بن حنبل وأكثر أصحاب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي والجبائي إلى أنه إجماع وحجة.
لكن من هؤلاء من شرط في ذلك انقراض العصر كالجبائي.
وذهب الشافعي إلى نفي، الامرين وهو منقول عن داود وبعض أصحاب أبي حنيفة.
وذهب أبو هاشم إلى أنه حجة، وليس بإجماع.
وذهب أبو علي بن أبي هريرة من أصحاب الشافعي إلى أنه إن كان ذلك حكما من حاكم لم يكن إجماعا، وإن كان فتيا كان إجماعا، وقد احتج النافون لكونه إجماعا بأن سكوت من سكت يحتمل أن يكون لأنه موافق.
ويحتمل أنه لم يجتهد بعد في حكم الواقعة، ويحتمل أنه اجتهد، لكن لم يؤده اجتهاده إلى شئ، وإن أدى اجتهاده إلى شئ، فيحتمل أن يكون ذلك الشئ مخالفا للقول الذي ظهر. لكنه لم يظهره:
إما للتروي والتفكر في ارتياد وقت يتمكن من إظهاره، وإما لاعتقاده أن القائل بذلك مجتهد، ولم ير الانكار على المجتهد لاعتقاده أن كل مجتهد مصيب، أو لأنه سكت خشية ومهابة وخوف ثوران فتنة، كما نقل عن ابن عباس أنه وافق عمر فمسألة العول، وأظهر النكير بعده، وقال هبته، وكان رجلا مهيبا، وإما لظنه أن غيره قد كفاه مؤنة الانكار وهو مخطئ فيه.
ومع هذه الاحتمالات فلا يكون سكوتهم مع انتشار قول المجتهد فيما بينهم إجماعا ولا حجة.