الفصل الثاني في أقسام دلالته وهو إما أن تكون دلالته لفظية، أو غير لفظية. واللفظية: إما أن تعتبر بالنسبة إلى كمال المعنى الموضوع له اللفظ، أو إلى بعضه: فالأول: دلالة المطابقة، كدلالة لفظ الانسان على معناه. والثاني: دلالة التضمن، كدلالة لفظ الانسان على ما في معناه من الحيوان، أو الناطق. والمطابقة أعم من التضمن، لجواز أن يكون المدلول بسيطا لا جزء له.
وأما غير اللفظية، فهي دلالة الالتزام، وهي أن يكون اللفظ له معنى، وذلك المعنى له لازم من خارج، فعند فهم مدلول اللفظ من اللفظ، ينتقل الذهن من مدلول اللفظ إلى لازمه، ولو قدر عدم هذا الانتقال الذهني، لما كان ذلك اللازم مفهوما. ودلالة الالتزام، وإن شاركت دلالة التضمن في افتقارهما إلى نظر عقلي، يعرف اللازم في الالتزام، والجزء في دلالة التضمن، غير أنه في التضمن لتعريف كون الجزء داخلا في مدلول اللفظ، وفي الالتزام لتعريف كونه خارجا عن مدلول اللفظ. فلذلك كانت دلالة التضمن لفظية، بخلاف دلالة الالتزام. ودلالة الالتزام مساوية لدلالة المطابقة ضرورة امتناع خلو مدلول اللفظ المطابق عن لازم، وأعم من دلالة التضمن، لجواز أن يكون اللازم لما لا جزء له.