الفصل السادس في الاحكام الثابتة بخطاب الوضع والاخبار وهي على أصناف:
الصنف الأول: الحكم على الوصف بكونه سببا، والسبب في اللغة عبارة عما يمكن التوصل به إلى مقصود ما، ومنه سمي الحبل سببا، والطريق سببا، لامكان التوصل بهما إلى المقصود.
وإطلاقه في اصطلاح المتشرعين على بعض مسمياته في اللغة. وهو كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل السمعي على كونه معرفا لحكم شرعي. ولا يخفى ما فيه من الاحتراز، وهو منقسم إلى ما لا يستلزم في تعريفة للحكم حكمة باعثة عليه كجعل زوال الشمس أمارة معرفة لوجوب الصلاة، في قوله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * (17) الاسراء: 78) وفي قوله عليه السلام: إذا زالت الشمس فصلوا وكجعل طلوع هلال رمضان أمارة على وجوب صوم رمضان، بقوله تعالى: * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * (2) البقرة: 185) وقوله عليه السلام: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته ونحوه، وإلى ما يستلزم حكمة باعثة للشرع على شرع الحكم المسبب كالشدة المطربة المعرفة لتحريم شرب النبيذ، لا لتحريم شرب الخمر في الأصل المقيس عليه. فإن تحريم شرب الخمر معروف بالنص أو الاجماع، لا بالشدة المطربة. ولأنها لو كانت معرفة له، فهي لا يعرف كونها علة بالاستنباط. إلا بعد معرفة الحكم في الأصل.
وذلك دور ممتنع.
وعلى هذا فالحكم الشرعي ليس هو نفس الوصف المحكوم عليه بالسببية، بل حكم الشرع عليه بالسببية.
وعلى هذا فكل واقعة عرف الحكم فيها بالسبب لا بدليل آخر من الأدلة السمعية، فلله تعالى فيها حكمان أحدهما الحكم المعرف بالسبب، والآخر السببية المحكوم بها على الوصف المعرف للحكم، وفائدة نصبه سببا معرفا للحكم