وقد خاطبنا الله تعالى بالمتعارف من مخاطباتنا فيما بيننا وبقوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه وأيضا فلو احتمل الفور والمهلة جميعا لكان الأخذ بالثقة واستعمال الحزم في المبادرة أولى من تأخيره على ما ذكرنا في دلالة وجوب الأمر من جهة أخرى أنه لا يأمن اخترام المنية إياه فيحصل مفرطا في التأخير فوجب عليه المسارعة إليه ويدل على صحة اعتبار هذا المعنى قوله تعالى فاستبقوا الخيرات وقوله تعالى إنهم كانوا يسارعون في الخيرات وقوله فاستبقوا الخيرات يمكن أن يكون دليلا مبتدأ على لزوم التعجيل لأن الأمر على الوجوب ودليل آخر لا يخلو القول في الأمر المطلق إذا لم يكن آخر وقته معلوما عند المخاطب من أحد وجهين إما أن يكون على الفور على ما قلنا أو على المهلة على ما قال مخالفنا فإن كان على المهلة لم يخل المأمور من أحد وجهين إما أن يكون له تأخيره أبدا حتى لا يلحقه التفريط ولا يستحق اللوم وإن مات قبل فعله أو يكون مفرطا مستحقا للوم إذا مات قبل فعله فإن قلنا إنه لا يكون مفرطا بتركه في حياته خرج الأمر من حيز الوجوب وصار في حيز النوافل لأن ما كان المأمور مخيرا بين فعله وتركه فهو نافلة أو مباح ولما ثبت وجوب
(١٠٧)