ويدل على ذلك أيضا أن المعقول من مخاطباتنا فما بيننا أن من قال لعبده أعط هذا الفقير درهما أنه لم يقتض أمره أن يفعل المأمور به مكررا دائما متصلا فوجب أن يكون خطاب الله تعالى وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم محمولا على ذلك لقوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه وليس الأمر في هذا كالنهي لأن النهي يقتضي نفي ما تعلق به فوجب أن ينتفي أبدا ألا ترى أنه لو أدخل حرف النفي على الخبر كان المخبر عنه منتفيا ابدا لأنه لو قال ما دخل زيد الدار أو قال لا يدخلها فعلق الخبر على ماض أو مستقبل بحرف النفي علق به نفي جميع ما تضمنه في سائر الأوقات وليس كذلك الأمر لأن الأمر يقتضي الإثبات والخبر إذا وقع عن اثبات فعل ماض أو مستقبل لم يقتض التكرار كذلك الأمر إذا كان موضوعه الاثبات فمتى فعل المأمور به مرة فقد أدى موجب الأمر وإن فعل المنهي عنه مرة لم يسقط عنه حكم النهي فيما بعد لأن النهي لما تناول نفي المنهي عنه في سائر الأوقات صار كمن قيل له لا تفعل ذلك في شئ من هذه الأوقات فإذا أوقع الفعل في شئ منها لم يبطل حكم النهي عن فعله في باقي الأوقات فإن قال قائل لما تضمن الأمر وجوب الاعتقاد للزوم فعله كما تضمن وجوب
(١٣٩)