فذهبت الفرقة الأولى إلى أن هذا لو جاز لجاز أن يأمر الله تعالى بصعود السماء ونقل الجبال عن مواضعها بشرط الإمكان وهذا سفه وعبث لأن في معلومه أن ذلك لا يتأتى منا ولا يمكن منه بحال كذلك كل ما كان في معلومه أن المأمور لا يبلغ حال التمكين منه لم يصح تكليفه إياه لا مطلقا ولا معلقا بشرط ومن أجل هذا القول ذهبوا إلى أن المكلف لا يدري أنه مأمور فيما يستقبل من عمره بالإيمان وأنه منهي عن الكفر إذا لم يكن على ثقة بالبقاء وأنه لا يدري هل هو منهي عن القتل والزنا وسائر القبائح لأنه لا يدري هل يبلغ الحال الثانية أم لا وأبى هذا القول مخالفوهم وقالوا قد أجمع المسلمون على استنكار هذا القول ممن ظهر فيه قالوا وقد وجدنا ما أجزناه من ذلك جائزا فيما بيننا في أوامرنا لعبيدنا ألا ترى أن من قال لعبده اسقني ماء كان عالما باضطرار أنه قد أمر عبده بشئ وأراده منه وإن لم يحط علما ببقائه إلى وقت الفعل ومع تجويزه أنه يحال بينه وبينه وكان معلوما مع ذلك مع ورود أمره أن مراده إيقاع الفعل على شرط الإمكان والبقاء وكذلك يصح في أوامر الله تعالى لنا على هذه الشريطة لأن المأمور إذا جوز بلوغ وقوع حال الشرط وقد قيل له إن قدم زيد فتصدق بدرهم وإن لم يقدم فلا تفعله فيكون المأمور متعبدا بشيئين في الحال
(١٥٢)