فإن قيل فإذا فعله مرة أخرى وثالثة يطلق عليه أنه قد فعل المأمور به فينبغي أن يدخل في الأمر من حيث صلح له اللفظ على موضوعك قيل له لم نجعل جواز اطلاق القول بأنه قد فعل المأمور به علة لوجوب الأمر فيلزمنا ما ذكرت وإنما قلنا إنه لما كان يطلق عليه أنه فعل المأمور به ولم يقتض الأمر أكثر من ذلك فمن أثبت شيئا غيره احتاج إلى دلالة أخرى غير لفظ الأمر وعلى أن قول القائل إنه إذا فعله مرة ثانية وثالثة فقال إنه قد فعل المأمور به خطأ لأنه لا يكون فعله في الثاني والثالث على وجه التكرار آتيا بما أمر به وإنما يكون نفلا وتطوعا فهذا سؤال ساقط دليل آخر وهو أن في إيجاب التكرار اثبات عدد وجمع ليس اللفظ موضوعا له ولا يجوز إثبات ذلك إلا بلفظ أو دلالة فلم يجب التكرار ويدل عليه أيضا ان للتكرر لفظا موضوعا في اللغة نحو قولهم كل وكلما ولغير التكرار صيغة معروفة فيها فغير جائز إيجاب التكرار إلا مع وجود حرف التكرار وقيام دلالة من غيره ويدل على ذلك أيضا أن المعقول من الخبر عن ماض أو مستقبل في الإثبات فعل مرة واحدة لا أكثر منها كقولك دخل زيد الدار أو سيدخلها لا يعقل منه التكرار ولو قال بدل هذا قد دخلها كل يوم أو كلما مضى يوم كان المعقول منه وجود الدخول مكررا على حسب عدد الأيام فلما كان ذلك كذلك وجب أن يكون الأمر كذلك إذا لم يفارقه لفظ التكرار
(١٣٥)