أحدهما أن الشافعي جعل قوله تعالى فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقوله تلك عشرة كاملة بيانا وليس فيه إخراج الشئ من حيز الاشكال إلى التجلي لأن قوله تعالى وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر لم يكن قط مشكلا وكذلك قوله تعالى فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم لم يشكل على أحد انه عشرة فلم يخرج بذكره الأربعين والعشرة شيئا من حيز الاشكال إلى التجلي والوجه الآخر أن ما كان طريقه الاجتهاد من الحوادث يخرج به الشئ من حيز الاشكال إلى التجلي لأنه لو كان كذلك لما كان من باب الاجتهاد ولكان بمنزلة سائر ما عليه أدلة قائمة يكشف عن حقيقته كالتوحيد وسائر صفات الله تعالى فكان يجب أن يكون من خالف في مسألة اجتهادا مخالفا لحكم الله تعالى مردود الحكم إذا حكم به وهذا لا يقوله أحد من الفقهاء فدل على أن ما كان طريقه الاجتهاد لم يخرج من حيز الإشكال إلى التجلي وقد جعله الشافعي أحد أقسام البيان مع خروجه عن الحد الذي حده أصحابه للبيان وعلى أن هذا التحديد أيضا ظاهر الانحلال من قبل أن هذا الوصف إنما يوجد في بعض أقسام البيان وهو بيان المجمل الذي لا يستقل بنفسه والخطاب
(١٨)