وأما قوله عقيب ذكره البيان فأقل ما في تلك المعاني المجتمعة المتشبعة أن يكون بيانا لمن خوطب به ممن نزل القرآن بلسانه فإنه إخبار عن البيان لمن يكون ولا دلالة فيه على معنى البيان بوجه وفيه أيضا خلل من قبل أن البيان لا يختص بلغة دون غيرها وإن كانت لغة العرب أبين وأفصح من سائر اللغات لأن أهل كل لغة ولهم ضرب من البيان في لغتهم وموضوع اللغات في الأصل للبيان لا غير والرجل إنما ابتدأ القول بذكر البيان على الإطلاق ولم يقل البيان الوارد عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون بيانا لمن ذكر ممن نزل القرآن بلسانه وعلى أن اقتصاره بالبيان أنه لمن نزل القرآن بلسانه غير مستقيم لأن القرآن والسنن بيان لسائر المكلفين من الناس من عرف لغة العرب منهم ومن لم يعرف وإن كان من لا يعرف لغة العرب يحتاج إلى أن يعرف معناه بلغته وينقل إلى لسانه والدليل عليه قوله تعالى هذا بيان للناس وقوله تعالى وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم ومن بلغ وقال تعالى إن هو إلا ذكر للعالمين وقال في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم نذيرا للبشر فكل من ترجم له معنى القرآن والسنن من أهل سائر اللغات فهم منذرون بالقرآن وبالرسول عليه السلام وقول القائل إن ذلك بيان لمن نزل القرآن بلسانه خطأ ثم لم يرض أصحابه بتحديد البيان على ما ذكر فقالوا البيان اسم لإخراج الشئ من حيز الأشكال إلى التجلي فخالفوه في ذلك من وجهين
(١٧)