فإن قال قائل فواجب على هذا أن يطلق على كل من أفهمنا قصده ومراده بأنه ذو بيان قيل له كل من فعل ذلك فقد أبان عن مراده وأتى ببيانه إلا أنه لا يسمى لذلك على الإطلاق لأن الإطلاق إنما يتناول من غلب على كلامه الإيضاح وانتفى عنه العي والتعقيد كما أن الفصاحة والبلاغة أصلها إفصاح اللسان بمراده وبلوغه حاجته فيما يريد الإبانة عنه ولا يسمى كل من أفصح عن نفسه فصيحا على الإطلاق وكما أن قولنا عالم وفقيه مشتق من العلم والفقه ولا يسمى كل من علم شيئا عالما ولا من فقه مسألة فقيها على الإطلاق وكذلك قولنا فلان ذو بيان وبين اللسان إنما ينصرف عند الإطلاق إلى من كان الغالب على كلامه الإبانة عن نفسه مع انتفاء العي والتعقيد عنه فإن قال قائل هلا قلت إن البيان هو ما يتبين به الشئ كما أن التحريك هو ما يتحرك به الشئ والتسويد وهو ما يسود به الشئ قيل له لا يجب ذلك لأن البيان قد يحصل من المبين وإن لم يتبين به المخاطب وقد حصل البيان من الله تعالى ومن رسوله للمكلفين عبد فيما تهم إليه الحاجة من أمر دينهم ولم يتبينه كثير من أهل العناد والكفر ودل ذلك على أن فقد التبيين من
(٩)