وهذا لا ينافي التسليم أيضا بان الأظهر إذا كانت أظهريته واضحة عرفا يعتبر قرينة أيضا وفي حالة تعارضه مع الظاهر يجمع بينهما عرفا بتحكيم الأظهر على الظاهر وفقا لنظرية الجمع العرفي العامة ثم إن المراد بالأخصية التي هي ملاك القرينية الأخصية عند المقارنة بين مفادي الدليلين في مرحلة الدلالة والإفادة لا الأخصية عند المقارنة بين مفاديهما في مرحلة الحجية وتوضيح ذلك أنه إذا ورد عامان متعارضان من قبيل يجب اكرام الفقراء ولا يجب اكرام الفقراء وورد مخصص على العام الأول يقول لا يجب اكرام الفقير الفاسق فهذا المخصص تارة نفرضه متصلا بالعام وأخرى نفرض انفصاله.
ففي الحالة الأولى: يصبح سببا في هدم ظهور العام في العموم وحصر ظهوره التصديقي في غير الفساق وبهذا يصبح أخص مطلقا من العام الثاني وفي مثل ذلك لا شك في التخصيص به.
واما في الحالة الثانية: فظهور العام الأول في العموم منعقد ولكن الخاص قرينة موجبة لسقوطه من الحجية بقدر ما يقتضيه وحينئذ فان نظرنا إلى هذا العام والعام الآخر المعارض له من زاوية المدلولين اللفظيين لهما في مرحلة الدلالة فهما متساويان ليس أحدهما أخص من الآخر، وان نظرنا إلى العامين من زاوية مدلوليهما في مرحلة الحجية وجدنا ان العام الأول أخص من العام الثاني لأنه بما هو حجة لم يعد يشمل كل أقسام الفقراء فبينما كان مساويا للعام الآخر انقلب إلى الأخصية.
وقد ذهب المحقق النائيني إلى الاخذ بالنظرة الثانية وسمى ذلك بانقلاب النسبة، بينما اخذ صاحب الكفاية بالنظرة الأولى. واستدل الأول على انقلاب النسبة بانا حينما نعارض العام الثاني بالعام الأول يجب ان ندخل في المعارضة غير ما فرغنا عن سقوط حجيته من دلالة ذلك العام لان ما سقطت حجيته لا معنى لان يكون معارضا. ونلاحظ على هذا الاستدلال ان المعارضة وان كانت من شأن الدلالة التي لم تسقط بعد عن