للبحث العلمي ولاعمال الصناعة والتدقيق في هذه المسائل لكي يتولى ذلك علم الأصول؟
والتحقيق ان البحوث اللفظية التي يتناولها علم الأصول على قسمين:
أحدهما: البحوث اللغوية.
والآخر: البحوث التحليلية.
اما البحوث اللغوية فهي بحوث يراد بها اكتشاف دلالة اللفظ على معنى معين من قبيل البحث عن دلالة صيغة الامر على الوجوب، ودلالة الجملة الشرطية على المفهوم.
واما البحوث التحليلية فيفترض فيها مسبقا ان معنى الكلام معلوم، ودلالة الكلام عليه واضحة غير أن هذا المعنى مستفاد من مجموع اجزاء الكلام على طريقة تعدد الدال والمدلول، فكل جزء من المعنى يقابله جزء في الكلام ومن هنا قد يكون ما يقابل بعض أجزاء الكلام من أجزاء المعنى واضحا، ولكن ما يقابل بعضها الآخر غير واضح فيبحث بحثا تحليليا عن تعيين المقابل.
ومثال ذلك: البحث عن مدلول الحرف والمعاني الحرفية فإننا حين نقول " زيد في الدار " نفهم معنى الكلام، بوضوح ونستطيع بسهولة ان ندرك ما يقابل كلمة (زيد) وما يقابل كلمة (دار) واما ما يقابل كلمة (في) فلا يخلو من غموض، ومن أجل ذلك يقع البحث في معنى الحرف وهو ليس بحثا لغويا، إذ لا يوجد فيمن يفهم العربية من لا يتصور معنى (في) ضمن تصوره لمدلول جملة (زيد في الدار) وانما هو بحث تحليلي بالمعنى الذي ذكرناه.
ومن الواضح ان البحث التحليلي بهذا المعنى لا يرجع فيه إلى مجرد التبادر أو نص علماء اللغة، بل هو بحث علمي تولاه علم الأصول في