ان إقامة الامارة مقام القطع الطريقي في المنجزية والمعذرية تحصل بعملية تنزيل لها منزلته من قبيل تنزيل الطواف منزلة الصلاة ومن هنا يعترض عليه بان التنزيل من الشارع، انما يصح فيما إذا كان للمنزل عليه اثر شرعي، بيد المولى توسيعه وجعله على المنزل كما في مثال الطواف والصلاة، وفي المقام القطع الطريقي ليس له اثر شرعي بل عقلي، وهو حكم العقل بالمنجزية والمعذرية فكيف يمكن التنزيل؟
وقد تخلص بعض المحققين عن الاعتراض برفض فكرة التنزيل واستبدالها بفكرة جعل الحكم التكليفي على طبق المؤدى، فإذا دل الخبر على وجوب السورة حكم الشارع بوجوبها ظاهرا، وبذلك يتنجز الوجوب، وهذا هو الذي يطلق عليه مسلك جعل الحكم المماثل.
وتخلص المحقق النائيني بمسلك جعل الطريقية قائلا: إن إقامة الامارة مقام القطع الطريقي لا تتمثل في عملية تنزيل لكي يرد الاعتراض السابق، بل في اعتبار الظن علما، كما يعتبر الرجل الشجاع أسدا على طريقة المجاز العقلي، والمنجزية والمعذرية ثابتتان عقلا للقطع الجامع بين الوجود الحقيقي والاعتباري.
والصحيح ان قيام الامارة مقام القطع الطريقي في التنجيز واخراج مؤداها عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان - على تقدير القول بها - انما هو بابراز اهتمام المولى بالتكليف المشكوك على نحو لا يرضى بتفويته على تقدير ثبوته كما تقدم، وعليه فالمهم في جعل الخطاب الظاهري أن يكون مبرزا لهذا الاهتمام من المولى، لان هذا هو جوهر المسألة، واما لسان هذا الابراز وصياغته وكون ذلك بصيغة تنزيل الظن منزلة العلم أو جعل الحكم المماثل للمؤدى أو جعل الطريقية فلا دخل لذلك في الملاك الحقيقي، وانما هو مسألة تعبير فحسب، وكل التعبيرات صحيحة ما دامت وافية بابراز الاهتمام المولوي المذكور، لان هذا هو المنجز في الحقيقة.
واما البحث الثاني فإن كان القطع مأخوذا موضوعا لحكم شرعي