وحجية القطع من وجه نظر أصولية، وبما هي معبرة عن المنجزية والمعذرية، ليست مشروطة بالإصابة بأي واحد من المعنيين.
اما المعنى الأول فواضح إذ يعتبر القطع بالتكليف تمام الموضوع لحق الطاعة، كما أن القطع بعدمه تمام الموضوع لخروج المورد عن هذا الحق، ومن هنا كان المتجري مستحقا للعقاب كاستحقاق العاصي، لان انتهاكهما لحق الطاعة على نحو واحد (ونقصد بالمتجري من ارتكب ما يقطع بكونه حراما ولكنه ليس بحرام في الواقع) ويستحيل سلب الحجية أو الردع عن العمل بالقطع غير المصيب للواقع، لان مثل هذا الردع يستحيل تأثيره في نفس أي قاطع لأنه يرى نفسه مصيبا والا لم يكن قاطعا. وكما يستحق المتجري العقاب كالعاصي، كذلك يستحق المنقاد، الثواب بالنحو الذي يفترض للممتثل لان قيامهما بحق المولى على نحو واحد (ونقصد بالمنقاد من أتى بما يقطع بكونه مطلوبا للمولى فعلا أو تركا رعاية لطلب المولى، ولكنه لم يكن مطلوبا في الواقع).
واما المعنى الثاني فكذلك أيضا، لان عدم التحرك عن القطع الذاتي بالتكليف يساوي عدم التحرك عن اليقين الموضوعي في تعبيره عن الاستهانة بالمولى وهدر كرامته، فيكون للمولى حق الطاعة فيهما على السواء. والتحرك عن كل منهما وفاء بحق المولى وتعظيم له.
وقد يقال إن القطع الذاتي وان كان منجزا لما ذكرناه ولكنه ليس بمعذر، فالقطاع إذا قطع بعدم التكليف وعمل بقطعه وكان التكليف ثابتا في الواقع، فلا يعذر في ذلك لاحد وجهين:
الأول: ان الشارع ردع عن العمل بالقطع الذاتي أو ببعض مراتبه المتطرفة على الأقل، وهذا الردع ليس بالنهي عن العمل بالقطع بعد حصوله، بل بالنهي عن المقدمات التي تؤدي إلى نشوء القطع الذاتي للقطاع أو الامر بترويض الذهن على الاتزان، وهذا حكم طريقي يراد به