واعترض السيد الأستاذ على ذلك بان دليل الا حجية في باب الامارات، وان كان يجعل الامارة علما، ولكنه علم تعبدي جعلي، والعلم الجعلي يتقدر بمقدار الجعل، فدعوى أن العلم بالمؤدى يستدعي العلم بلوازمه، انما تصدق على العلم الوجداني لا العلم الجعلي، ومن هنا ذهب إلى أن الأصل في الامارات أيضا عدم حجية مثبتاتها ومدلولاتها الالتزامية، وان مجرد جعل شئ حجة من باب الا مارية لا يكفي لاثبات حجيته في المدلول الالتزامي.
والصحيح ما عليه المشهور من أن دليل الحجية في باب الامارات يقتضي حجية الامارة في مدلولاتها الالتزامية أيضا، ولكن ليس ذلك على أساس ما ذكره المحقق النائيني من تفسير، فإنه فسر ذلك بنحو يتناسب مع مبناه في التمييز بين الامارات والأصول، وقد مر بنا سابقا انه قدس الله روحه يميز بين الامارات والأصول بنوع المجعول والمنشأ في أدلة حجيتها، فضابط الامارة عنده كون مفاد دليل حجيتها جعل الطريقية والعلمية، وضابط الأصل كون دليله خاليا من هذا المفاد، وعلى هذا الأساس أراد أن يفسر حجية مثبتات الامارات بنفس النكتة التي تميزها عنده عن الأصول، اي نكتة جعل الطريقية، مع اننا عرفنا سابقا ان هذا ليس هو جوهر الفرق بين الامارات والأصول، وانما هو فرق في مقام الصياغة والانشاء، ويكون تعبيرا عن فرق جوهري أعمق، وهو ان جعل الحكم الظاهري على طبق الامارة بملاك الأهمية الناشئة من قوة الاحتمال، وجعل الحكم الظاهري على طبق الأصل بملاك الأهمية الناشئة من قوة المحتمل، فكلما جعل الشارع شيئا حجة بملاك الأهمية الناشئة من قوة الاحتمال كان امارة. سواء كان جعله حجة بلسان انه علم أو بلسان الامر بالجري على وفقه، وإذا اتضحت النكتة الحقيقية التي تميز الامارة، أمكننا ان نستنتج ان مثبتاتها ومدلولاتها الالتزامية حجة على القاعدة، لان ملاك الحجية فيها حيثية الكشف التكويني في الامارة الموجبة لتعيين الأهمية وفقا لها، وهذه الحيثية نسبتها إلى المدلول المطابقي، والمداليل الالتزامية نسبة واحدة، فلا