كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) *.
إن الاستدلال بهذه الآية الكريمة على المطلوب يتم بمرحلتين من البيان:
1 - الكلام في صدر الآية: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * تمهيدا للاستدلال، فإن الظاهر من هذه الفقرة نفي وجوب النفر على المؤمنين كافة (1) والمراد من النفر - بقرينة باقي الآية - النفر إلى الرسول للتفقه في الدين، لا النفر إلى الجهاد وإن كانت الآيات التي قبلها واردة في الجهاد، فإن ذلك وحده غير كاف ليكون قرينة مع ظهور باقي الآية في النفر إلى التعلم والتفقه. إن الكلام الواحد يفسر بعضه بعضا.
وهذه الفقرة إما جملة خبرية يراد بها إنشاء نفي الوجوب، فتكون في الحقيقة جملة إنشائية. وإما جملة خبرية يراد بها الإخبار جدا عن عدم وقوعه من الجميع إما لاستحالته عادة أو لتعذره اللازم له عدم وجوب النفر عليهم جميعا، فتكون دالة بالدلالة الالتزامية على عدم جعل مثل هذا الوجوب من الشارع. وعلى كلا الحالين فهي تدل على عدم تشريع وجوب النفر على كل واحد واحد إما إنشاء أو إخبارا.
ولكن ليس من شأن الشارع بما هو شارع أن ينفي وجوب شئ إنشاء أو إخبارا إلا إذا كان في مقام رفع توهم الوجوب لذلك الشئ أو اعتقاده. واعتقاد وجوب النفر أمر متوقع لدى العقلاء، لأن التعلم واجب عقلي على كل أحد وتحصيل اليقين فيه المنحصر عادة في مشافهة