والغريب في الباب! وقوع مثل هذا التدافع بين نقل الشيخ والسيد عن إجماع الإمامية، مع أنهما متعاصران بل الأول تلمذ على الثاني، وهما الخبيران العالمان بمذهب الإمامية، وليس من شأنهما أن يحكيا مثل هذا الأمر بدون تثبت وخبرة كاملة.
فلذلك وقع الباحثون في حيرة عظيمة من أجل التوفيق بين نقليهما.
وقد حكى الشيخ الأعظم في الرسائل وجوها للجمع: مثل أن يكون مراد السيد المرتضى من " خبر الواحد " - الذي حكى الإجماع على عدم العمل به - هو خبر الواحد الذي يرويه مخالفونا (1) والشيخ يتفق معه على ذلك. وقيل: يجوز أن يكون مراده من " خبر الواحد " ما يقابل المأخوذ من الثقات المحفوظ في الأصول المعمول بها عند جميع خواص الطائفة (2) وحينئذ يتقارب مع الشيخ في الحكاية عن الإجماع. وقيل:
يجوز أن يكون مراد الشيخ من " خبر الواحد " خبر الواحد المحفوظ بالقرائن المفيدة للعلم بصدقه (3) فيتفق حينئذ نقله مع نقل السيد.
وهذه الوجوه من التوجيهات قد استحسن الشيخ الأعظم منها الأول ثم الثاني. ولكنه يرى أن الأرجح من الجميع ما ذكره هو من الوجه (4) وأكد عليه أكثر من مرة، فقال:
ويمكن الجمع بينهما بوجه أحسن، وهو أن مراد السيد من " العلم " الذي أدعاه في صدق الأخبار هو مجرد الاطمئنان، فإن المحكي عنه في تعريف العلم أنه " ما اقتضى سكون النفس " وهو الذي ادعى بعض