الرسول أيضا واجب عقلي. فحق أن يعتقد المؤمنون بوجوب النفر إلى الرسول شرعا لتحصيل المعرفة بالأحكام.
ومن جهة أخرى، فإنه مما لا شبهة فيه أن نفر جميع المؤمنين في جميع أقطار الإسلام إلى الرسول لأخذ الأحكام منه بلا واسطة كلما عنت حاجة وعرضت لهم مسألة أمر ليس عمليا من جهات كثيرة، فضلا عما فيه من مشقة عظيمة لا توصف، بل هو مستحيل عادة.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن الله تعالى أراد بهذه الفقرة - والله العالم - أن يرفع عنهم هذه الكلفة والمشقة برفع وجوب النفر رحمة بالمؤمنين. ولكن هذا التخفيف ليس معناه أن يستلزم رفع أصل وجوب التفقه، بل الضرورات تقدر بقدرها. ولا شك أن التخفيف يحصل برفع الوجوب على كل واحد واحد، فلابد من علاج لهذا الأمر اللازم تحقيقه على كل حال - وهو التعلم - بتشريع طريقة أخرى للتعلم غير طريقة التعلم اليقيني من نفس لسان الرسول. وقد بينت بقية الآية هذا العلاج وهذه الطريقة وهو قوله تعالى: * (فلولا نفر من كل فرقة...) * والتفريع بالفاء شاهد على أن هذا علاج متفرع على نفي وجوب النفر على الجميع.
ومن هذا البيان يظهر أن هذه الفقرة (صدر الآية) لها الدخل الكبير في فهم الباقي من الآية الذي هو موضع الاستدلال على حجية خبر الواحد.
وقد أغفل هذه الناحية المستدلون بهذه الآية على المطلوب، فلم يوجهوا الارتباط بين صدر الآية وبقيتها للاستدلال بها، على نحو ما يأتي.
2 - الكلام عن نفس موقع الاستدلال من الآية على حجية خبر الواحد المتفرع هذا الموقع على صدرها، لمكان فاء التفريع.
إنه تعالى بعد أن بين عدم وجوب النفر على كل واحد واحد تخفيفا