والحاصل: أن رفع وجوب النفر على الجميع والاكتفاء بنفر قسم منهم ليتفقهوا في الدين ويعلموا الآخرين (1) بمجموعه دليل واضح على حجية نقل الأحكام في الجملة وإن لم يستلزم العلم اليقيني، لأن الآية من ناحية اشتراط الإنذار بما يوجب العلم مطلقة، فكذلك تكون مطلقة من ناحية قبول الإنذار والتعليم، وإلا كان هذا التدبير الذي شرعه الله لغوا وبلا فائدة وغير محصل للغرض الذي من أجله كان النفر وتشريعه.
هكذا ينبغي أن تفهم الآية الكريمة في الاستدلال على المطلوب [والله أعلم بأسرار آياته] (2) وبهذا البيان يندفع كثير مما اورد على الاستدلال بها للمطلوب.
وينبغي ألا يخفى (3): أنه لا يتوقف الاستدلال بها على أن يكون نفر الطائفة من كل قوم واجبا، بل يكفي ثبوت أن هذه الطريقة مشرعة من قبل الله وإن كان بنحو الترخيص بها، لأن نفس تشريعها يستلزم تشريع حجية نقل الأحكام من المتفقه، فلذلك لا تبقى حاجة إلى التطويل في استفادة الوجوب.
كما أن الاستدلال بها لا يتوقف على كون الحذر عند إنذار النافرين المتفقهين واجبا واستفادة ذلك من " لعل " أو من أصل حسن الحذر، بل الأمر بالعكس، فإن نفس جعل حجية قول النافرين المتفقهين المستفاد من الآية يكون دليلا على وجوب الحذر.
نعم يبقى شئ، وهو أن الواجب أن ينفر من كل فرقة طائفة، والطائفة ثلاثة فأكثر، أو أكثر من ثلاثة، وحينئذ لا تشمل الآية خبر الشخص