* (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) * وكذلك قرئ فيها " فتثبتوا " (1) فإن هذه القراءة مما تدل على أن المعنيين - وهما التبين والتثبت - متقاربان.
2 - " أن تصيبوا قوما بجهالة " يظهر من كثير من التفاسير أن هذا المقطع من الآية كلام مستأنف جاء لتعليل وجوب التبين (2). وتبعهم على ذلك بعض الأصوليين (3) الذين بحثوا هذه الآية هنا.
ولأجل ذلك قدروا لكلمة " فتبينوا " مفعولا، فقالوا مثلا: معناه:
" فتبينوا صدقه من كذبه ". كما قدروا لتحقيق نظم الآية وربطها - لتصلح هذه الفقرة أن تكون تعليلا - كلمة تدل على التعليل بأن قالوا: معناها:
" خشية أن تصيبوا قوما بجهالة " أو " حذار أن تصيبوا " أو " لئلا تصيبوا قوما "... ونحو ذلك.
وهذه التقديرات كلها تكلف وتمحل لا تساعد عليها قرينة ولا قاعدة عربية. ومن العجيب! أن يؤخذ ذلك بنظر الاعتبار ويرسل إرسال المسلمات.
والذي أرجحه: أن مقتضى سياق الكلام والاتساق مع أصول القواعد العربية أن يكون قوله: * (أن تصيبوا قوما...) * مفعولا ل " تبينوا " فيكون معناه: " فتثبتوا واحذروا إصابة قوم بجهالة ".
والظاهر أن قوله تعالى: * (فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة) * يكون كناية عن لازم معناه، وهو عدم حجية خبر الفاسق، لأ أنه لو كان حجة لما دعا إلى الحذر من إصابة قوم بجهالة عند العمل به ثم من الندم على العمل به.