لأن عبادته بذلك توجب العلم الذي لابد أن يكون العمل تابعا له (1).
وعلى هذا فيتضح أن المسلم فيه عند الجميع أن خبر الواحد لو خلي ونفسه لا يجوز الاعتماد عليه، لأ أنه لا يفيد إلا الظن الذي لا يغني من الحق شيئا. وإنما موضع النزاع هو قيام الدليل القطعي على حجيته.
وعلى هذا فقد وقع الخلاف في ذلك على أقوال كثيرة:
فمنهم من أنكر حجيته مطلقا، وقد حكي هذا القول عن السيد المرتضى والقاضي وابن زهرة والطبرسي وابن إدريس (2) وادعوا في ذلك الإجماع. ولكن هذا القول منقطع الآخر، فإنه لم يعرف موافق لهم بعد عصر ابن إدريس إلى يومنا هذا.
ومنهم من قال: " إن الأخبار المدونة في الكتب المعروفة - لا سيما الكتب الأربعة - مقطوعة الصدق ". وهذا ما ينسب إلى شرذمة (3) من متأخري الأخباريين. قال الشيخ الأنصاري تعقيبا على ذلك: وهذا قول لا فائدة في بيانه والجواب عنه إلا التحرز عن حصول هذا الوهم لغيرهم كما حصل لهم، وإلا فمدعي القطع لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه... (4).
وأما القائلون بحجية خبر الواحد فقد اختلفوا أيضا: فبعضهم يرى أن المعتبر من الأخبار هو كل ما في الكتب الأربعة بعد استثناء ما كان فيها مخالفا للمشهور. وبعضهم يرى أن المعتبر بعضها والمناط في الاعتبار عمل الأصحاب، كما يظهر ذلك من المنقول عن المحقق في المعارج (5).