لا يمكن فرضه إلا إذا كان الوجوب متعلقا بطبيعي الصلاة. فما فرضناه متعلقا بطبيعي الصلاة لم يكن متعلقا بطبيعيها، بل بخصوص معلوم الوجوب. وهذا هو الخلف المحال.
وببيان آخر في وجه استحالة تعليق الحكم على العلم به نقول:
إن تعليق الحكم على العلم به يستلزم منه (1) المحال، وهو استحالة العلم بالحكم، والذي يستلزم منه (2) المحال محال، فيستحيل نفس الحكم.
وذلك لأ أنه قبل حصول العلم لا حكم - حسب الفرض - فإذا أراد أن يعلم يعلم بماذا؟ فلا يعقل حصول العلم لديه بغير متعلق مفروض الحصول.
وإذا استحال حصول العلم استحال حصول الحكم المعلق عليه، لاستحالة ثبوت الحكم بدون موضوعه. وهو واضح.
وعلى هذا، فيستحيل تقييد الحكم بالعلم به. وإذا استحال ذلك تعين أن يكون الحكم مشتركا بين العالم والجاهل، أي بثبوته واقعا في صورتي العلم والجهل وإن كان الجاهل القاصر معذورا، أي أنه لا يعاقب على المخالفة. وهذا شئ آخر غير نفس عدم ثبوت الحكم في حقه.
ولكنه قد يستشكل في استكشاف اشتراك الأحكام في هذا الدليل بما تقدم منا (في الجزء الأول ص 121 و 225) من أن الإطلاق والتقييد متلازمان في مقام الإثبات، لأ نهما من قبيل العدم والملكة، فإذا استحال التقييد في مورد استحال معه الإطلاق أيضا. فكيف - إذن - نستكشف اشتراك الأحكام من إطلاق أدلتها؟ لامتناع تقييدها بالعلم، والإطلاق كالتقييد محال بالنسبة إلى قيد العلم في أدلة الأحكام.