2 - أن يكون قد علم بأن في عدم جعل أمارات خاصة لتحصيل الأحكام والاقتصار على العلم تضييقا على المكلفين ومشقة عليهم، لا سيما بعد أن كانت تلك الأمارات قد اعتادوا سلوكها والأخذ بها في شؤونهم الخاصة وأمورهم الدنيوية وبناء العقلاء كلهم كان عليها.
وهذا الاحتمال الثاني قريب إلى التصديق جدا، فإنه لا نشك في أن تكليف كل واحد من الناس بالرجوع إلى المعصوم أو الأخبار المتواترة في تحصيل جميع الأحكام أمر فيه ما لا يوصف من الضيق والمشقة، لا سيما أن ذلك على خلاف ما جرت عليه طريقتهم في معرفة ما يتعلق بشؤونهم الدنيوية.
وعليه، فمن القريب جدا أن الشارع إنما رخص في اتباع الأمارات الخاصة فلغرض تسهيل الأخذ بأحكامه والوصول إليها. ومصلحة التسهيل من المصالح النوعية المتقدمة في نظر الشارع على المصالح الشخصية التي قد تفوت أحيانا على بعض المكلفين عند العمل بالأمارة لو أخطأت. وهذا أمر معلوم من طريقة الشريعة الإسلامية التي بنيت في تشريعها على التيسير والتسهيل.
وعلى التقديرين والاحتمالين، فإن الشارع في إذنه باتباع الأمارة طريقا إلى الوصول إلى الواقع من أحكامه لابد أن يفرض فيه أنه قد تسامح في التكاليف الواقعية عند خطأ الأمارة، أي أن الأمارة تكون معذرة للمكلف، فلا يستحق العقاب في مخالفة الحكم كما لا يستحق ذلك عند المخالفة في خطأ القطع، لا أنه بقيام الأمارة يحدث حكم آخر ثانوي، بل شأنها في هذه الجهة شأن القطع بلا فرق.
ولذا أن الشارع في الموارد التي يريد فيها المحافظة على تحصيل