المكلف أم لم يعلم، فإنه مكلف به على كل حال.
فالصلاة - مثلا - واجبة على جميع المكلفين سواء علموا بوجوبها أم جهلوه، فلا يكون العلم دخيلا في ثبوت الحكم أصلا.
وغاية ما نقوله في دخالة العلم في التكليف دخالته في تنجز الحكم التكليفي، بمعنى أنه لا يتنجز على المكلف على وجه يستحق على مخالفته العقاب إلا إذا علم به، سواء كان العلم تفصيليا أو إجماليا (1) أو قامت لديه حجة معتبرة على الحكم تقوم مقام العلم.
فالعلم وما يقوم مقامه يكون - على ما هو التحقيق - شرطا لتنجز التكليف لا علة تامة - خلافا للشيخ الآخوند صاحب الكفاية (قدس سره) (2) - فإذا لم يحصل العلم ولا ما يقوم مقامه بعد الفحص واليأس لا يتنجز عليه التكليف الواقعي، يعني لا يعاقب المكلف لو وقع في مخالفته عن جهل، وإلا لكان العقاب عليه عقابا بلا بيان، وهو قبيح عقلا. وسيأتي - إن شاء الله تعالى - في أصل البراءة شرح ذلك.
وفي قبال هذا القول زعم من يرى أن الأحكام إنما تثبت لخصوص العالم بها أو من قامت عنده الحجة، فمن لم يعلم بالحكم ولم تقم لديه الحجة عليه لا حكم في حقه حقيقة وفي الواقع (3).
ومن هؤلاء من يذهب إلى تصويب المجتهد، إذ يقول: " إن كل مجتهد مصيب " (3) وسيأتي بيانه في محله - إن شاء الله تعالى - في هذا الجزء.