لا سيما مع أبي حنيفة - وقد رواها حتى أهل السنة - إذ قال له فيما رواه ابن حزم (1): اتق الله! ولا تقس، فإنا نقف غدا بين يدي الله فنقول: " قال الله وقال رسوله " وتقول أنت وأصحابك: " سمعنا ورأينا ".
والذي يبدو أن المخالفين لآل البيت الذين سلكوا غير طريقهم ولم يعجبهم أن يستقوا من منبع علومهم أعوزهم العلم بأحكام الله وما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فالتجأوا إلى أن يصطنعوا الرأي والاجتهادات الاستحسانية للفتيا والقضاء بين الناس، بل حكموا الرأي والاجتهاد حتى فيما يخالف النص، أو جعلوا ذلك عذرا مبررا لمخالفة النص، كما في قصة تبرير الخليفة الأول لفعلة خالد بن الوليد في قتل مالك ابن نويرة، وقد خلا بزوجته ليلة قتله، فقال عنه: " إنه اجتهد فأخطأ "!
وذلك لما أراد الخليفة عمر بن الخطاب أن يقاد به ويقام عليه الحد (2).
وكان الرأي والقياس غير واضح المعالم عند من كان يأخذ به من الصحابة والتابعين، حتى بدأ البحث فيه لتركيزه وتوسعة الأخذ به في القرن الثاني على يد أبي حنيفة وأصحابه. ثم بعد أن أخذت الدولة العباسية تساند أهل القياس وبعد ظهور النقاد له، انبرى جماعة من علمائهم لتحديد معالمه وتوسيع أبحاثه، ووضع القيود والاستدراكات له، حتى صارفنا قائما بنفسه.
ونحن يهمنا منه البحث عن موضع الخلاف فيه وحجيته، فنقول: