إن بعض الناس المتنفذين أو المغامرين قد يعمل شيئا استجابة لعادة غير إسلامية، أو لهوى في نفسه، أو لتأثيرات خارجية نحو تقليد الأغيار، أو لبواعث انفعالات نفسية مثل حب التفوق على الخصوم، أو إظهار عظمة شخصه أو دينه أو نحو ذلك.
ويأتي آخر فيقلد الأول في عمله، ويستمر العمل، فيشيع بين الناس من دون أن يحصل من يردعهم عن ذلك، لغفلة أو لتسامح أو لخوف أو لغلبة العاملين فلا يصغون إلى من ينصحهم، أو لغير ذلك.
وإذا مضت على العمل عهود طويلة يتلقاه الجيل بعد الجيل، فيصبح سيرة المسلمين! وينسى تأريخ تلك العادة. وإذا استقرت السيرة يكون الخروج عليها خروجا على العادات المستحكمة التي من شأنها أن تتكون لها قدسية واحترام لدى الجمهور، فيعدون مخالفتها من المنكرات القبيحة.
وحينئذ يتراءى أنها عادة شرعية وسيرة إسلامية، وأن المخالف لها مخالف لقانون الإسلام وخارج على الشرع!
ويشبه أن يكون من هذا الباب سيرة تقبيل اليد، والقيام احتراما للقادم، والاحتفاء بيوم النوروز، وزخرفة المساجد والمقابر... وما إلى ذلك من عادات اجتماعية حادثة.
وكل من يغتر بهذه السيرات وأمثالها، فإنه لم يتوصل إلى ما توصل إليه الشيخ الأنصاري الأعظم من إدراك سر نشأة العادات عند الناس على طول الزمن، وأن لكل جيل من العادات في السلوك والاجتماع والمعاملات والمظاهر والملابس ما قد يختلف كل الاختلاف عن عادات الجيل الآخر.
هذا بالنسبة إلى شعب واحد وقطر واحد، فضلا عن الشعوب والأقطار