فلذلك يكون الظاهر حجة للمتكلم على السامع، يحاسبه عليه ويحتج به عليه لو حمله على خلاف الظاهر. ويكون أيضا حجة للسامع على المتكلم، يحاسبه عليه ويحتج به عليه لو ادعى خلاف الظاهر. ومن أجل هذا يؤخذ المرء بظاهر إقراره ويدان به وإن لم يكن نصا في المراد.
المقدمة الثانية: إن من المقطوع به أيضا أن الشارع المقدس لم يخرج في محاوراته واستعماله للألفاظ عن مسلك أهل المحاورة من العقلاء في تفهيم مقاصده، بدليل أن الشارع من العقلاء بل رئيسهم، فهو متحد المسلك معهم. ولا مانع من اتحاده معهم في هذا المسلك، ولم يثبت من قبله ما يخالفه.
وإذا ثبتت هاتان المقدمتان القطعيتان لا محالة يثبت - على سبيل الجزم - أن الظاهر حجة عند الشارع، حجة له على المكلفين، وحجة معذرة للمكلفين.
هذا، ولكن وقعت لبعض الناس شكوك في عموم كل من المقدمتين، لابد من التعرض لها وكشف الحقيقة فيها.
أما المقدمة الأولى: فقد وقعت عدة أبحاث فيها:
1 - في أن تباني العقلاء على حجية الظاهر هل يشترط فيه حصول الظن الفعلي بالمراد؟
2 - في أن تبانيهم هل يشترط فيه عدم الظن بخلاف الظاهر؟
3 - في أن تبانيهم هل يشترط فيه جريان أصالة عدم القرينة؟
4 - في أن تبانيهم هل هو مختص بمن قصد إفهامه فقط، أو يعم غيرهم فيكون الظاهر حجة مطلقا؟