عقلاء ولم يثبت منه ردع. وكذلك يقال في خبر الواحد الثقة، فإنه لا مانع من أن يكون الشارع متحد المسلك مع العقلاء في الاعتماد عليه في تبليغ الأحكام ولم يثبت منه الردع.
أما الرجوع إلى أهل الخبرة فلا معنى لفرض أن يكون الشارع متحد المسلك مع العقلاء في ذلك، لأ أنه لا معنى لفرض حاجته إلى أهل الخبرة في شأن من الشؤون حتى يمكن فرض أن تكون له سيرة عملية في ذلك، لا سيما في اللغة العربية.
2 - إذا كان هناك مانع من أن يكون الشارع متحد المسلك مع العقلاء فلابد أن يثبت لدينا جريان السيرة العملية حتى في الأمور الشرعية بمرأى ومسمع من الشارع، فإذا لم يثبت حينئذ الردع منه يكون سكوته من قبيل التقرير لمسلك العقلاء. وهذا مثل الاستصحاب، فإنه لما كان مورده الشك في الحالة السابقة فلا معنى لفرض اتحاد الشارع في المسلك مع العقلاء بالأخذ بالحالة السابقة، إذ لا معنى لفرض شكه في بقاء حكمه، ولكن لما كان الاستصحاب قد جرت السيرة فيه حتى في الأمور الشرعية ولم يثبت ردع الشارع عنه، فإنه يستكشف منه إمضاؤه لطريقتهم.
أما الرجوع إلى أهل الخبرة في اللغة فلم يعلم جريان السيرة العقلائية في الأخذ بقول اللغوي في خصوص الأمور الشرعية، حتى يستكشف من عدم ثبوت ردعه رضاه بهذه السيرة في الأمور الشرعية.
3 - إذا انتفى الشرطان المتقدمان فلابد حينئذ من قيام دليل خاص قطعي على رضا الشارع وإمضائه للسيرة العملية عند العقلاء. وفي مقامنا ليس عندنا هذا الدليل، بل الآيات الناهية عن اتباع الظن كافية في ثبوت الردع عن هذه السيرة العملية.